تحديث
ما هو ردك على من يعتبر النقطة التي طرحتها في الموضوع بمثابة تأكيد لحقيقة ما هو مطروح في القران من فرضيات ؟ يعني تكرار الاحداث و الاساطير و تشابه الفرضيات دليل ع احتمالية صحتها و ان لم تكن منطقيه !! هكذا يفكرون فما هو ردك !؟
-------------------
1- المثير في هذه المداخلة (اعتبار تكرار الأحداث دليل على احتمالية صحتها وان لم تكن منطقية) اسمحي لي بالتعليق بان هذا الطرح يعاني من عسر هضم لان عدم كونها منطقية يساوي الاستحالة تماما وذلك يساوي انتفاء الاحتمال فالطرح يجمع بين إثبات الاحتمال ونفيه في آن واحد وبذلك يقع في تناقض منطقي باطل بالبداهة.
2- نفس الاحتمال حتى يكون أمرا مقبولا كاحتمال نظري بحت -وليس كأمر واقع نرتب عليه تداعيات معينة- يجب أن لا يتعارض مع المعطيات اليقينية للعلم الحديث ومن الواضح لكل ذي لب أن فكرة كون السماء جسما تحمله أعمدة مخفية لا نراها حسب القرآن هذه الأطروحة يكذبها العلم بلسان فصيح.
في حين أن قرآن محمد أكدها مرتين مرة في سورة الرعد إذ قال: اللَّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا) الآية 2. وأخرى في سورة لقمان إذ قال: (خَلَقَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا) الآية 10.
3- الاحتمال أو الإمكان تارة يكون عمليا وأخرى علميا وثالثة فلسفيا ومعرفة هذه الأنواع من الاحتمالات أو الإمكانات الثلاثة مهم جدا لفهم المعادلات وبعد إذنك سأحيلك إلى نص لأحد فلاسفة المسلمين في عصرنا وهو الشهيد محمد باقر الصدر يشرح فيه المعاني الثلاثة واليك النص:
كلمة الإمكان هنا تعني أحد ثلاثة معاني : الإمكان العملي ، والإمكان العلمي ، والإمكان المنطقي أو الفلسفي .
وأقصد بالإمكان العملي : أن يكون الشيء ممكناً على نحو يتاح لي أو لك ، أو لإنسان آخر فعلاًً أن يحققه ، فالسفر عبر المحيط ، والوصول إلى قاع البحر ، والصعود إلى القمر ، أشياء أصبح الا إمكان عملي فعلاًً . فهناك من يمارس هذه الأشياء فعلاًً بشكل وآخر.
وأقصد بالإمكان العلمي : أن هناك أشياء قد لا يكون بالإمكان عمليا لي أو لك ، أن تُمارسها فعلاًً بوسائل المدنية المعاصرة ، ولكن لا يوجد لدى العلم ولا
تشير اتجاهاته المتحركة إلى ما يبرر رفض إمكان هذه الأشياء ووقوعها وفقاً لظروف ووسائل خاصة ، فصعود الإنسان إلى كوكب الزهرة لا يوجد في العلم ما يرفض وقوعه ، بل إن اتجاهاته القائمة فعلاً تشير إلى إمكان ذلك ، وإن لم يكن الصعود فعلاً ميسورا لي أو لك ؟
لأن الفارق بين الصعود إلى الزهرة والصعود إلى القمر ليس إلا فارق درجة ، ولا يمثل الصعود إلى الزهرة إلا مرحلة تذليل الصعاب الإضافية التي تنشأ من كون المسافة أبعد ، فالصعود إلى الزهرة ممكن علمياً وإن لم يكن ممكنا عمليا فعلاً . وعلى العكس من ذلك الصعود إلى قرص الشمس في كبد السماء فإثه غير ممكن علمياً ، بمعنى أن العلم لا أمل له في وقوع ذلك ، إذ لا يتصور علمياً ، وتجريبيا إمكانية صنع ذلك الدرع الواقي من الاحتراق بحرارة الشمس ، التي تمثل أتونا هائلا مستعرا بأعلى درجة تخطر على بال إنسان.
وأقصد بالإمكان المنطقي أو الفلسفي : أن لا يوجد لدى العقل وفق ما يدركه من قوانين قَبْلية ـ أي سابقة على التجربة ـ ما يبرر رفض الشيء والحكم باستحالته .
فوجود ثلاث برتقالات تنقسم بالتساوي وبدون كسر إلى نصفين ليس له إمكان منطقي ؟ لأن العقل يدرك ـ قبل أن يمارس أي تجربةـ أن الثلاثة عدد فردي وليس زوجاً ، فلا يمكن أن تنقسم بالتساوي ؟ لأن انقسامها بالتساوي يعني كونها زوجاً، فتكون فردا وزوجاً في وقت واحد، وهذا تناقض، والتناقض مستحيل منطقيا. ولكن دخول الإنسان في النار دون أن يحترق ، وصعوده للشمس دون أن تحرقه الشمس بحرارتها ليس مستحيلاً من الناحية المنطقية ، إذ لا تناقض في افتراض أن الحرارة لا تتسرب من الجسم الأكثر حرارة إلى الجسم الأقل حرارة ، وإنما هو مخالف للتجربة التي أثبتت تسرب الحرارة من الجسم الأكثر حرارة إلى الجسم الأقل حرارة إلى أن يتساوى الجسمان في الحرارة.
وهكذا نعرف أن الإمكان المنطقي أوسع دائرة من الإمكان العلمي ، وهذا أوسع دائرة من الإمكان العملي.
بحث حول المهدي / محمد باقر الصدر
بعد هذا الكلام يتضح أن قضية كون السماء جسما ليس لها حظ من الاحتمال العملي ولا العلمي ولا المنطقي وذلك لليقين أن السماء فضاء وليس جسما تمسكه أعمدة.
فكما أن لا إمكان أن تكون حقيقة المحيطات والبحار الفعلية خمرا ولا لبنا كذلك لا إمكان لكون السماء جسما اجل بالنسبة للمستقبل لا استحالة فلسفية منطقية أن يتحول البحر إلى لبن حسب رغبتي أو خمر حسب رغبة بعض الزملاء كذلك لا استحالة فلسفية منطقية في أن تتحول السماء إلى جسم في المستقبل اما بالنسبة للوضع الماضي والراهن فلا إمكان منطقي فضلا عن العلمي أو العملي لأي منهما.
اما كون العرش على الماء فهو ليس مستحيلا منطقيا وفلسفيا ولكنه يفتقر إلى الإثبات المفقود.